مقـــــدمــــة
لم يعد غريباً ان نسمع او نقرأ عن حوادث الطلاب داخل المدارس التي تتكرر بين الحين والآخر.. فهذا الطالب طعن زميله بسكين اثناء مشاجرة واخر اطلق الرصاص على زميله داخل الفصل، وثالث ضرب معلمه ورابع اقتحم مدرسته من اجل السرقة.
والسؤال الذي يطرح نفسه: ما الذي يحدث داخل صروحنا التعليمية؟ .. هل استبدل مثل هؤلاء الطلاب الكتب الدراسية في حقائبهم بمسدسات واسلحة بيضاء؟ .. ومن المسؤول عن تكرار مثل هذه الحالات .. صحيح أنها لم تصبح ظاهرة، ولكن هناك حالات متعددة حدثت في مدارسنا لابد من دراستها وطرح أسباب حدوثها ووضع روشتة العلاج حتى لا تتكرر مثل هذه الحوادث. (
طرحت قضية العنف في المدارس
على طاولة المناقشة من اجل وضع الحلول الكفيلة بعودة
الوئام إلى الصروح التعليمية خلال التحقيق الثاني. يرى محمد عوض آل مانع انه لابد من معاملة المراهقين معاملة توعوية والاخذ بايديهم وان
يكون للاسرة دور هام في التربية الصحيحة وان حدثت نزاعات او مشاجرات بين الطلاب
فللمدرسة دور مهم للتدخل وحل مثل هذه المشاكل من خلال المرشد الطلابي الذي يقوم توجيه الطلاب التوجيه الصحيح وعليه ان يجلس مع الطلاب العدوانيين ومن
خلال التحدث
معهم قد يصل الى السبب
الرئيسي لجعله يتعدى على احد زملائه .
كما لاننسى دور
العائله في التربيه والسماح
للطفل ان يبدىء رايه في المنزل وعدم ممارسه نظام الدكتاتوريه في البيت حتى ياخذ الثقه في نفسه ويشعر بأن اراءة مسموعه
وانها ذات
اهميه.
ظاهرة العنف و الشغب بين طلبة المدارس
ظاهرة العنف و الشغب في المدارس اصبحت مثيرة للقلق سواء بالنسبة لأولياء الامور او العاملين في المدارس. ولأن كل الاسباب والشكاوى التي نسمعها من ابنائنا ومن اصدقائهم في المدارس جعلتنا نرصد هذه الظاهرة ونقف على اسبابها لأنها غالبا ما تكون مرتبطة بالعنف البيتي.
حيث ان الخلافات العائلية لها تأثير سلبي
على تنشئة الطفل، ذلك لأنها تخلق انسانا غير متزن.فمن اين يأتي العنف؟ وما مرده؟ وكيف
يسيطر على مجتمعنا الان، وتحديدا في مدارسنا وبين اولادنا!!
هذا ما
توجهنا به الى اختصاصي الامراض النفسية د/ منعم عبد الحميد فأجاب:
- ان الطالب
العنيف هو طفل خائف فاقد للاحساس بالامان، وغالبا ما يعيش بجو عائلي متشنج، وربما هو طفل غير سوي
نفسياً.. اما المدرس العنيف فهو انســــان يعاني من حالة نفسية غير مستقرة لها
اسبابها المتعددة كأن تكون شخصية او عائلية او وراثية او مهنية او مشاكل واقعية بحاجة الى
حلـــول.
والمسألة
اولا وأخيرا هي مقدرة المدرس ان يكون المحور الاساس في عملية
الضبط
والتربية والتعليم بشكل حضاري.
الطالب العنيف لم تنتجه المدرسة فقد اتى من المنزل باستعداد مكتسب
للعدوانية لكن هناك اسباباً تجعل الطالب يستخدم العنف في المدرسة حددها العلماء في
النقاط التالية:
عرضت أهم الأسباب التي تقف وراء
ظاهرة العنف بين طلبة المدارس :
1- عدم الاهتمام بالطالب وعدم الاكتراث به مما
يدفعه الى استخدام العنف ليلفت الانتباه لنفسه.
2- عدم الشعور باحترام وتقدير الآخرين.
3- عدم الشعور بالأمن.
4- التعبير عن مشاعر الغيرة.
5- استمرار الاحباط لفترة طويلة.
6- تشجيع بعض الأسر للأبناء على مبدأ "من ضربك فاضربه".
7- الاعتقاد بأن تخريب ممتلكات المعلمين يساعد على تغيير معاملة المعلمين.
8- العقاب البدني.
9- ضعف القدرات التحصيلية.
10- تساهل المدرسة في اتخاذ الاجراءات النظامية ضد الطلاب العدوانيين.
11- مشاهدة أفلام العنف.
والسبب الأخير يؤكده استطلاع اجرته مجلة "المعرفة" التابعة لوزارة
المعارف لمعرفة مدى تأثير الإعلام في تغذية السلوك العدواني عند الطلاب إذ جاءت
النتيجة من وجهة نظر المعلمين ان 50% منهم أوضح ان اسباب العنف الطلابي
تعود إلى الأفلام المثيرة والعنيفة. وذهب نحو 22% من المعلمين الى ان الأسرة أحد
أسباب ظهور العنف بين الطلاب، وذكر 2% من المعلمين ان للبيئة المدرسية اهمية في
معالجة العنف الطلابي
12- عدم التعامل الفردي مع الطالب، وعدم مراعاة الفروق الفردية داخل الصف.
13- لا يوجد تقدير للطالب كأنسان له
احترامه وكيانه.
14- عدم السماح للطالب بتعبير عن مشاعره فغالباً ما يقوم المعلمون بإذلال الطالب وإهانته إذا أظهر غضبه.
15- التركيز على جوانب الضعف
عند الطالب والإكثار من انتقاده.
16- الاستهزاء بالطالب والاستهتار من
أقواله وأفكاره.
17 - رفض مجموعة الرفاق
والزملاء للطالب مما يثير غضبه وسخطه عليهم.
18- وجود مسافة كبيرة بين المعلم والطالب، حيث لا يستطيع محاورته او نقاشه حول علاماته او عدم رضاه من
المادة. كذلك خوف الطالب من السلطة يمكن أن يؤدي الى خلق تلك المسافة.
19- الاعتماد على أساليب التلقين
التقليدية.
20- عنف المعلم اتجاه الطلاب.
21- عندما لا توفر المدرسة
الفرصة للطلاب للتعبير عن مشاعرهم وتفريغ عدوانيتهم بطرق سليمة.
22- المنهج وملاءمته
لاحتياجات الطلاب.
23- - التأثر فيما يعرض في القنوات الفضائية وخصوصا تلك البرامج الهابطة .
24
-ضعف دور الاسرة في توجيه الابناء والحرص على نشأتهم نشأة صالحة . فالدلع هو الصفة
السائدة بين الاباء والامهات .
-25 التركيز في المدارس على المعلومات دون
التركيز على الاخلاق والصفات الحميدة .
-26 من اسباب انتشار تلك الظاهرة بعض قرارات وزارة التربية التي اضاعت هيبة المعلم والمعلمة .
27- أصدقاء السوء والتأثر بهم هذا سبب من أسباب العنف المدرسي وكم لاحظنا طلاب كانوا مميزين وخلقهم رائع لكن بسبب مرافقتهم لأصدقاء السوء تغيرت أخلاقهم .
28- بعض المختصين يرون ان الأسباب تعود لوقت الفراغ الكبير غير المستغل وغياب توعية الطلاب بأهمية المشاركة في الأنشطة الطلابية وعدم قيام أولياء الأمور بتوعية أبنائهم بأهمية العلم .
29- ضعف الوازع الديني .
30- سمة التقليد بين الطلاب المراهقين تعتبر من أحد أسباب انتشار العنف .
31- و ايضا من أسباب اندلاع ظاهرة العنف في مدارسنا يرجع لغياب الأنشطة التي يمكن أن تستوعب طاقات الطلاب في الأنشطة الرياضية والفنية وسد حالة الفراغ التي يعيشها الغالبية العظمى من الطلاب.
32- عدم القدرة على التعامل مع الطلاب بطرق تربوية صحيحة .
33- وعدم فهم الطالب جيداً في حالة انتقاله من مرحلة دراسية لأخرى خاصة في سن المراهقة ووجود شحنة زائدة لدى الطالب يفرغها في المدرسة بالعنف وعدم اهتمام بعض إدارات المدارس بالمحاضرات اليومية التوعوية وانفصال أحد الوالدين عن الآخر مما له تأثير عكسي على الطالب ووجود وقت فراغ متسع غير مستغل نظراً لعدم توعية الطلاب من قبل المدرسة بالمشاركة في الأنشطة.
علاقات سوية
الصحة النفسية مهمة للمجتمع بمؤسساته المختلفة مثل الأسرة والمدرسة ومكان العمل، ففي الأسرة.. تعتبر صحة الأبوين النفسية عاملاً هاماً يؤدي إلى تماسك الأسرة ونمو الطفل نمواً نفسياً سليماً.. وفي المدرسة تعتبر الصحة النفسية ضرورية فالعلاقات السوية بين الإدارة والمدرسة وبين المدرسين وبعضهم تؤدي لنمو سليم في الخلية التعليمية الأساسية.
وقال ان العلاقات الاجتماعية في المدرسة تؤثر على الصحة النفسية للطالب والعلاقات الجيدة بين المدرس والطالب تؤدي إلى النمو التربوي السليم كما ان العلاقة الجيدة بين المدرسة والمنزل تساعد على رعاية النمو النفسي للأبناء.
وأوضح ان بعض سلوكيات العنف بين الطلاب غالباً ما تظهر في مرحلة مراهقتهم وأسبابها تعود للحساسية الانفعالية ورغبة الطالب في السعي لتأكيد ذاته بجانب تصنيفه لنفسه ضمن البالغين الذين لا يحتاجون للنصح والارشاد بالإضافة إلى المؤثرات الإعلامية والثقافية التي بدأت تغزو عقول طلابنا من خلال ما يتم بثه عبر الفضائيات والتي تخالف قيمنا الإسلامية وبعض عاداتنا وتقاليدنا كل ذلك يعطي الفرصة لبعض الأبناء لاختيار سلوكيات غير مبررة تعبر عن أحاسيسهم ومشاعرهم ورغبة في الانطلاق بعيداً عن التعقل.
ويطالب بضرورة عدم اتاحة الفرصة أمام طلاب المراهقة لاطلاق العنان لهم للاتجاه العاطفي بشكل أكثر من اللازم، حيث انهم بحاجة للرعاية من خلال التوعية على مستوى كافة المؤسسات التعليمية والاجتماعية المتعاملة مع هؤلاء الطلاب.
أهمية المشكلة:
إن المساهمة في حل هذه المشكلة ستدفع نحو تطوير العملية التعليمية في بلادنا , ذلك إن القضاء على العنفداخل أروقة المدرسة سيؤدي إلى انصراف الطلبة والمعلمين ومديري المدارس والمسؤولين إلى تجويد تلك العملية وسيعطي مجالا لازدهار التربية والتعليم , وفي مجالات المجتمع المدني المنشود .
إن خلق مدرسة تقوم على الاعنف يعني في نهاية المطاف خلق الم يحترم الإنسان وحقوقه، فالهدف الأساسي من التربية هو تحقيق النمو والتكامل والازدهار. إن التعليم كما يجري في شخصية الإنسان يتميز بصفتين رئيسيتين :1- فهو من جهة يقلل من أهمية الإقناع والمكافأة
2- ومن جهة أخرى يزيد من أهمية العقاب الجسدي والتلقين.
هناك طوقا تربويا على الأقل نحو تفعيل التربية وعصرنتها وبث مفاهيم ديمقراطية في العملية التعليمية,ومن هذه المفاهيم إقامة علاقة إنسانية بين أركان التعليم خصوصا بين المعلم والطالب واستلام ذلك طلب الوزارة صراحة بعدم استخدام أساليب العنف المادي واللفظي تجاه الطلبة , بالإضافة لنشر المئات من المرشدين النفسيين في المدارس لتوجيه سلوك الطلبة وفهم مستوياتهم وحل مشاكلهم بأساليب تربوية حديثة بعيدا عن الأساليب القديمة ، ومعنى ذلك إن راس الهرم التربوي يتفق مع الاعنف في المدارس , لكن المشكلة تظل كامنة في الطالب والمعلم والمدير كونهم مواطنين مازالوا يتأثرون بالمجتمع الذي يعيشون فيه كما يقول الباحث الدكتور علي وطفة:
بعض المعلمين وبتأثير من خلفياتهم الثقافية التربوية يلجئون إلى أسلوب العنف في تعاملهم مع التلاميذ وذلك للأسباب التالية :
1-بعض المعلمين ينتمون إلى أوساط اجتماعية تعتمد التسلط والإكراه في التربية وهم في المدرسة يعكسون حالتهم هذه.
2-بعض المربين لم تسنح لهم فرص الحصول على تأهيل تربوي مناسب, أي منهم ليتابعوا تحصيلهم العلمي , فهم بذلك لا يملكون وعيا تربويا بطرق التعامل مع الأطفال وفقا للنظريات التربوية الحديثة .
3-المعلم بشكل عام يعيش ظروف اجتماعية تتميز بالصعوبة الحياتية , إضافة إلى الهموم والمشكلات اليومية
التي تجعله غير قادر على التحكم بالعملية التربوية , إذ يتعرض للاستثارة السريعة والانفجارات العصبية أمام التلاميذ .
4-إن الفكرة السائدة سابقا إن المعلم المتسلط هو الذي يتحقق لديه مستوى الكفاءة العلمية التربوية معا.
ولكن هذه النظرية أثبتت خطاها فان المعلم الديمقراطي هو المعلم المتمكن المؤهل وهو وحده الذي يستطيع أن يعتمد على الحوار الموضوعي في توجيه طلابه وتعليمهم ,دون اللجوء إلى العنف.
5-المعلم الذي يستخدم الاستهجان والتبخيس والكلمات النابية لأنه يكرس العنف ويشوه البنية النفسية للطالب ,
والمدرسة عندما تتبع هذه الأساليب من عنف وإكراه وإحباط إزاء التلاميذ تكون بمنزلة مؤسسة لتدمير الأجيال وإخفاقهم في كل المجالات هناك عدة نصوص سواء في مجال الإعلان العالمي لحقوق الإنسان أو اتفاقية حقوق الطفل أو نصوص منظمة العمل الدولية,إضافة إلى التشريعات العربية المحلية تنادي بحقوق الطفل, ولكن العمل لا يكون في مجرد إصدار القوانين مهما كانت عادلة وسامية, الحل هو تطبيق المجتمع لها
ماذا عن التطبيق ؟ ماذا عن وضع التلميذ الحقيقي ؟!
وما هو البديل ؟!
البديل
إذا الإنسان يتميز بالقدرة غير المحدودة في تكيفه مع البيئة وفي تكييف البيئة لحاجاته، وان خروج الطفل عن الأنظمة المدرسية له أسباب يجب أن نبحث عنها في إطار الوسط الذي يعيش فيه التلميذ والأسرة التي ينتمي إليها .
وتوجد أساليب متعددة ومتنوعة جدا يمكن استخدامها في معالجة هذه الظاهرة القليل من الاحترام والتفهم يجعلنا قادرين على احتواء مظاهر العنف , وفي كل الأحوال فان العنف والإكراه عملية تخدير مؤقت وليس حلا جذريا , لان الطفل الذي كبح جماحه بالقوة سيعود إلى مخالفة النظام كلما سنحت له الفرصة.
أما فيما
يتعلق بمسالة التقصير المدرسي والتخلف الدراسي:
هذه الظاهرة تعود إلى عوامل اجتماعية وأسرية,والتقصير ليس مسؤولية الطفل وحده بل هو مسؤولية الأسرة ومسؤولية المدرسة ذاتها. وفي كل الأحوال العقاب ليس حلا، إنما المساعدة والتفهم والتشجيع ومعالجة الظروف المحيطة بالطفل هي الوسائل التربوية التي يجب أن تعتمد كحلول موضوعية لهذه الإشكالية.
العنف والتحصيل المدرسي
ماهي الآثار الناجمة عن استخدام العنف في التحصيل المدرسي؟!
لايمكن للعنف أن يؤدي إلى نمو طاقة التفكير والإبداع عند الطفل, والعنف لا يؤدي في افضل نتاجه إلا إلى عملية استظهار بعض النصوص والأفكار، إن القدرة على التفكير لا تنمو إلا في مناخ الحرية , الحرية والتفكير أمران لا ينفصلان. وإذا كانت العقوبة تساعد في زيادة التحصيل فان الأمر لا يتعدى كونه أمرا وقتيا عابرا وسوف يكون على حساب التكامل الشخصي، والدراسات التربوية الحديثة تؤكد بان الأطفال الذين يحققون نجاحا وتفوقا في دراستهم هم الأطفال الذين ينتمون إلى اسر تسودها المحبة والأجواء الديمقراطية. والعملية التربوية ليست تلقين المعلومات والمناهج بل إنها عملية متكاملة تسعى إلى تحقيق النمو الازدهار والتكامل.
بعض النقاط الأساسية لمعالجة هذه الظاهرة:
1-تنمية وتطوير الوعي التربوي على مستوى الأسرة والمدرسة, ويتم ذلك من خلال وسائل الإعلام المختلفة, ومن خلال إخضاع المعلمين والآباء لدورات اطلاعية وعلمية حول افضل السبل في تربية الأطفال ومعاملتهم.
2-تحقيق الاتصال الدائم بين المدرسة والأسرة واقامة ندوات تربوية خاصة بتنشئة الأطفال.
3-تعزيز وتدعيم تجربة الإرشاد الاجتماعية والتربوي في المدارس وإتاحة الفرصة أمام المرشدين من اجل رعاية الأطفال وحمايتهم وحل مشكلاتهم ومساعدتهم في تجاوز الصعوبات التي تعترضهم.
4-ربط المدارس بمركز الرعاية الاجتماعية والنفسية الذي يحتوي على عدد من الأخصائيين في مجال علم النفس والصحة النفسية والخدمة الاجتماعية, حيث تتم مساعدة الأطفال الذين يعانون من صعوبات كبيرة في تكيفهم المدرسي, وحل المشكلات السلوكية والنفسية التي يعجز المرشد عن إيجاد حلول لها, أي أن يكون مرجعية تربوية نفسية واجتماعية لكل محافظة أو مدينة على الأقل .
5-التعاون بين المدارس وجمعية حماية الطفل في رصد مشكلة العنف على الأطفال ومعالجتها .
ظاهرة سلبية ينبغي البحث عن أسبابها
الضرب .. أما الآن فصرنا نشكو من العنف المضاد، أي من عنف الطلاب تجاه مدرسيهم،
العنف الذي يصل في حالات غير نادرة إلى الحد نفسه.
وتبرز اليوم ظاهرة إعراض أو "تهرب" بعض المدرسين من مهنة التدريس في
المدارس الاعدادية والثانوية والانصراف إلى أعمال إدارية أو مكتبية أخرى، وذلك
رعباً من " عقاب" طلاب هذه المدارس لهم، سواء داخل قاعات وساحات المدرسة
أو خارجها، أي في الشارع أو الحي والحارة أو في مكان آخر!!
ولدى سؤالهم عن السبب أو جملة الأسباب التي تدفعهم نحو العنف والشغب داخل قاعات
مدارسهم وفي باحاتها جاءت إجاباتهم على النحو التالي:
1ـ أجاب 55% من الطلبة المختارين للعينة أن المدرس نفسه هو مصدر العنف لديهم.
فالقصور العلمي الذي يظهر به المدرس في بعض الحالات يشكل دافعا لديهم نحو الشغب
والفوضى لملء وقت الدرس الذي يبدو لهم مملا إلى درجة يفضلون عندها ممارسة الشغب
على الاستماع أو الإصغاء للمدرس في قاعة الدرس. هذا من جهة، وأما من جهة أخرى، فإن
العلاقة ( غير الأبوية) أو لنقل القاسية التي يرتبط بها المدرس مع طلابه هي بدورها
ـ وكما أكد ذلك طلبة العينة ـ تشكل دافعا آخر يدفع بهم إلى الارتباط بالمدرس
بالعلاقة نفسها.
2ـ وبين 25% من الطلاب أنهم لا يرغبون في متابعة الدراسة وأنهم تواقون لترك
المدرسة في أقرب وقت ممكن. وأكدوا أن الشغب الذي يقومون به في المدرسة ويمارسونه
تجاه مدرسيهم هو ردة فعل عفوية على العنف الذي يمارسه الآباء معهم في سعي هؤلاء ـ
أي الآباء ـ إلى إكراه أبنائهم رغما عنهم على الذهاب إلى المدرسة ومتابعة الدراسة.
3ـ هذا في حين أكد 10% من الطلاب أن حالة الشغب التي يظهرون بها داخل المدرسة
وخارجها هي نتيجة مباشرة لعدم تفرغهم للدرس أو المدرسة. فهم يقومون بأعمال أخرى
إلى جانب آبائهم أو في أماكن عمل أخرى، وذلك تحت ضغط الظروف المعيشية المادية التي
تعاني منها أسرهم.
وأما الاستطلاعات الميدانية التي قمنا بها في أوقات متعددة سابقة للغرض نفسه،
والدراسات الأخرى التي أجريت في هذا المجال، فقد أضافت إلى الأسباب المذكورة
الأسباب التالية:
1ـ المراهقة التي لم تسع الأسرة، بالدرجة الأولى إلى تهذيبها أو تثقيفها حيث يتغلب
الجانب الواعي الإنساني لدى المراهق على جانبه الغريزي الحيواني، ففي حالات
اجتماعية معينة يحاول الشاب المراهق فيها ان يظهر علامات شبابه أو رجولته ويعبر
عنها بالتمرد على الآخرين والخروج عن تعليماتهم وإرشاداتهم وفي مقدمة هؤلاء أساتذته
في المدرسة.
2ـ الأسرة هي المؤسسة الاجتماعية الأولى التي تضع حجر الأساس الذي سيبني عليه
الإنسان فيما بعد سلوكه الاجتماعي داخل الأسرة وخارجها. وبالنتيجة فإن الأسر التي
يسودها سلوك العنف والشغب والفوضى والعادات السيئة الأخرى، سواء فيما بين الأبوين
أو بينهما وبين أبنائهما، هي من المصادر، وبالتالي الأسباب الرئيسية لظاهرة سلوك
بعض طلبة المدارس على هذا النحو الاجتماعي السلبي والخطير.
3ـ سلوك العنف والإكراه سواء داخل المجتمع الواحد أو فيما بين المجتمعات هو وكما
بينت تلك الاستطلاعات، من الدوافع الكبرى التي تدفع الطلبة إلى سلوك المسلك نفسه
ولا يكاد المراهق الذي يميل إلى تقليد أو محاكاة هذا السلوك أن يكتشف حقيقة سلوكه
السيئ والخاطئ حتى يكون قد بات عادة يصعب عليه التخلص أو التملص منها فيما بعد.
4ـ الأفلام البوليسية ورياضات العنف وإثارة القوة، تلك التي تعنى بها دور السينما
وشاشات التلفزيون في بلدان عديدة وتبث عبر الفضاء إلى أرجاء العالم كلها، هي من
الأسباب المهمة لظاهرة العنف، ليس في مدارسنا فحسب وإنما في مدارس العديد من
البلدان الأخرى، بما فيها بعض البلدان المتقدمة علميا وصناعيا.
5ـ مظاهر العنف التي يتميز بها سلوك بعض الطلبة في مدارسنا هي إحدى التعبيرات
الحقيقة عن فائض النشاط وتسارع نمو القوة الفيزيولوجيه أو البيولوجيه لدى الطالب
المراهق، فإن عدم تفريغ هذا الفائض وترويض هذا النمو هو سبب آخر لا يقل أهمية عن
سابقيه من أسباب ظاهرة الشغب لدى هؤلاء الطلاب. وبالفعل لقد بينت إحدى الدراسات
التي أجريت في هذا المجال أن قله النوادي والمراكز الشبابية هي من الأمور المسئولة
إلى حد كبير عن مظاهر عرض القوة والفوضى التي يتظاهر بها الطالب المراهق أمام
أستاذه في المدرسة وأمام الآخرين في أماكن أخرى.
وعلى هذا النحو يبدو لنا بوضوح أن أسباب هذه الظاهرة الخطيرة ومسؤولية تدبر الحلول
الناجعة لها لا تعني جهة واحدة فقط، كأن تكون وزارة التربية مثلا، وإنما تعني جهات
عديدة، رسمية منها وأهلية في الوقت نفسه. وأيضا للأسرة دور مهم جداً في تأديب
وإصلاح المراهقين من الجنسين.